6 أمـــثـال عــربــيــة قد تستعصي على جيل التيك توك
هل سبق وسمعتم ببراقش؟ أو زرقاء اليمامة؟ أو قس أو جذام؟ أسماء قد تبدو غريبة لبعض الآذان وقد تتسارع أمثلة وقصص تراثية إلى أذهان البعض الآخر فور سماعها. فأي الفريقين أنتم؟
لا يقتصر عدم إتقان الأمثال والرد عليها على أبناء جيل معين، فجميعنا في مرحلة ما في عمرنا كنا على جهل تام بموروث الأمثال والردود الاجتماعية اللبقة التي يتقنها الأهل والأقارب الأكبر سناً. لكن نحب أن نمنّي أنفسنا، نحن من خط الشيب شعرنا بإصرار وجلاء مبين، أن جيلنا تربى من صغره على تعلّم تراث العرب الأولين من نثر وشعر ولغة وأمثال وقصص شعبية وغيرها، بينما يفتقد أبناؤنا هذه الميزة لأسباب عديدة -الخوض فيها ليس في صلب موضوعنا هذا.
نعرض في هذه العُجالة بعضاً من أشهر الأقوال / الأمثال التراثية والقصص التي نُسجت حولها:
1. أبصر من زرقاء اليمامة
تُقال لمن يتميز بحدة البصر أو لمن يُبصر ما لا يراه الآخرون. لكن لماذا؟
تقول الحكاية إنّه كان لامرأة من قبيلة جديس العربية القديمة، واسمها زرقاء اليمامة، قدرة بصرية خارقة. فقد كانت قادرة على رؤية الأشخاص القادمين نحو بلدتها النجدية "جو" وهم على مسافة مسير ثلاثة أيام بلياليها عن البلدة، وكذلك رؤية الشعرة البيضاء في اللبن. وبالطبع كانت هذه الميزة سلاحاً استراتيجياً لقومها، فقد كانت تكشف خطط القبائل الغازية قبل وصولهم وبذلك يتحضر قومها للغزاة.
وقيل إنّه في يوم من الأيام قررت قبيلة أخرى غزو قبيلتها ورتّبوا لذلك حيلة علّهم يخدعون بها زرقاء اليمامة فلا يتحضر قومها لقتالهم، فتنكروا بأوراق الشجر. عند رؤيتهم من بعيد أنذرت زرقاء اليمامة قومها قائلة بأن أوراق الشجر تعتلي خيول القبيلة الأخرى – حِمير، لكن للأسف قومها كذبوها. وعندها تمكن منهم جماعة حمير واقتلعوا عيني زرقاء اليمامة وصلبوها على باب "جو".
2. على أهلها جنت براقش
تُقال لمن يجلب المصيبة على أهله و/أو نفسه. لكن من هي براقش؟
قيل امرأة وقيل كلبة قوم، والأخيرة هي الرواية التي ذكرها الجاحظ في كتابة الشهير "كتاب الحيوان". يُقال إن براقش كانت كلبة لقوم يفترشون مكاناً محمياً من الأرض يجعلهم مخفيين عن عيون الغزاة. فمن النادر لقبلية غازية أن تجدهم بفضل الموقع الجغرافي الذي اختاروه لأنفسهم. وفي مرة من المرات، أحست براقش باقتراب غرباء من ديارهم، فما كان منها إلا أن تصرفت على سجيتها واسترسلت بالنباح لتنبه أصحابها إلى وجود الغرباء، كاشفة بذلك مكانهن مما عرضهم للهجوم من القوم الغازين. وبذلك جلبت براقش المصيبة على أهلها.
وبالطبع هناك نسخ متعددة من الحكاية، لكنها جميعاً تصب في نفس الفحوى وهو جلب براقش المصيبة على أهلها.
3. إذا قالت حذام فصدقوها، فإن القول ما قالت حذام
تُقال في وصف صاحب القول الرشيد والحث على تصديق ما يقول.
وكما امتلكت زرقاء اليمامة حدة البصر، كانت حدة البصيرة من نصيب حذام كما تقول القصة. فقد عرفت بشدة ذكائها وقدرتها العالية، وقيل رؤيتها للرؤى – ما قد نجمله اليوم بقوة الحدس ومفهوم الحاسة السادسة.
حذام أيضاً أنقذت قومها من فتك القبيلة التي قاتلتهم. فقد سارت تلك القبيلة إلى قومها فاقتتلوا، ثم ذهب الغزاة إلى معسكرهم للراحة بينما هرب قومها، وساروا ليلة ويوم وارتاحوا في الليلة التالية. طبعاً شعر الغزاة بهربهم فلحقوهم. لكن حذام لاحظت في الليل حركة غير عادية لطيور القطا التي عادة ما تسترسل في النوم بالليل فحدست أن القطا هربت من حركة دواب الغزاة، فنبهت قومها لمواصلة المسير. وتنسب أبيات شعر إلى لجيم بن صعب، زوج حذام، لخصت القصة – والبعض ينسبها لغيره:
فلولا المزعجات من الليالي ***** لما ترك القطا طيب المنام
إذا قالت حذام فصدقوها ****** فإنّ القول ما قالت حذام
4. أبلغ من قس
تُقال في وصف شديدي البلاغة والفصاحة ومن حَسُنَ قولهم.
وقس هو قس بن ساعدة الإيادي وكان من حكماء العرب وقيل خطيب العرب. لا أعداء ولا غزاة في قصته. كان مضرب المثل في البلاغة والفصاحة والحكمة والموعظة. كان من رواد سوق عكاظ ومن الخطباء فيه. وسوق عكاظ أحد أهم أسواق العرب الذي كانوا يجتمعون فيه بشكل موسمي للبيع والشراء واستعراض ملكاتهم الشعرية واللغوية.
5. أكرم من حاتم
تُقال في وصف الكريم من الناس.
وحاتم غني عن التعريف. هو حاتم الطائي... اشتهر بين العرب بجوده وكرمه وكَثُرت القصص عن جوده. فقد وصلت به شدة إكرام الضيف إلى نحر فرسه الأصيلة لإطعام رسول لقيصر كان قد أتى لشراء تلك الفرس... ولا تنتهي قصص كرم حاتم وشهرته التي طبقت الآفاق.
6. عادت حليمة إلى عادتها القديمة
تُقال لمن كان على عادة ما (سلبية في الغالب) وغيّرها إلى أخرى إيجابية ثم بعد حين عاد إلى عادته السلبية مرة أخرى.
وتعددت الروايات عن هوية حليمة، لكن أشهرها أن حليمة هي زوجة حاتم الطائي.. وفي تضارب تام لمكارم حاتم، كانت حليمة شديدة البخل. وعندما كانت تطهو كانت بالكاد تضع سمناً في الطعام. حتى أقنعها حاتم أن زيادة السمن في الطعام تزيد من عمر الإنسان، فأصبحت تكرم بالسمن وبالتالي تحسّن طعم طبخها.. هكذا إلى أن مات لها ولد فحزنت حزناً شديداً وتمنّت الموت، وعادت إلى سابق عهدها بالإقلال من السمن في الطعام، فصارت مضرب المثل حيث عادت حليمة إلى عادتها القديمة.
وفي محاولة لطيفة وحديثة في مسار مشابه قرر مُعرّبو برنامج كرتوني تعليمي اشتهر في الثمانينات والتسعينات من القرن الفائت أن يدخلوا الجملة اللطيفة التالية في أذهان المشاهدين عن الشخصية الأساسية في البرنامج، لبيبة، والتي كان همّها تفتيح أذهان الصغار على نيل العلم والمعرفة: " إذا ظهرت لبيبة فاسألوها، فلُبّ القول ما قالت لبيبة".
هل تعرفون أشخاصاً آخرين صاروا مضرب المثل؟